الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة أمن البشر و"وجوه الشرّ"!

نشر في  16 أكتوبر 2014  (16:10)

مفاجأة غير متوقّعة تلك التي صدرت عن وزير الرياضة المغربي بخصوص طلب تأجيل نهائيات كأس أمم افريقيا للأمم بسبب وباء «إيبولا» الذي بات يمثّل تهديدا حقيقيا لهذه النهائيات، الوزير المغربي وفي ردّه على الانتقادات التي وُجِّهت إلى بلاده بعد طلب التأجيل< قال إنه ليس من عادة المغرب أن يزايد أو حتى أن يساوم في ما يعتبره قيما لا يمكن التنازل عنها، ومن هذه القيم أنه يضع حياة وأمن وصحة الأفراد فوق كل الإعتبارات، وليس لي ما أرد به على من قال أن في طلب التأجيل نوعا من أنواع التملص، فالكل يعرف أننا حكومة ومؤسسات تعبأنا بشكل كامل من أجل أن نقدم لإفريقيا واحدة من أجمل نسخ كأس إفريقيا للأمم، وقد وفرنا من الإمكانات اللوجستيكية والتنظيمية والمادية ما كان يضمن النجاح المطلق لهذه التظاهرة الإفريقية التي يعتز المغرب أيما إعتزاز بتنظيمها، هو الذي يضع باستمرار إفريقيا في صلب منظومته التنموية المجتمعية»..
وتفيد تقارير منظمات صحية عالمية بأن هناك تصاعد مهول لعدد الوفيات في دول إفريقية ودول أخرى حتى أنها تجاوزت سقف 4000 حالة وفاة، لذلك جاء قرار الحكومة المغربية بناء على التحذيرات التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية خشية حصول كارثة إنسانية. ومهما اختلفنا في تقييم هذا القرار وانعكاساته وتداعياته على المسابقة الافريقية وعلى روزنامة الاتحادات وتحضيرات المنتخبات وبرامجها وفي انتظار أن يبحث الاتحاد الافريقي الأمر مع الحكومة المغربية في بداية الشهر القادم، لابد من احترام الموقف المغربي خصوصا إذا ثبت أن هدفه الأول والأخير صحة وسلامة اللاعبين والجماهير والحكام والاعلاميين وإذا صحّ أن تنظيم المسابقة الإفريقيّة في تلك الفترة يمثّل تهديدا لا جدال فيه خصوصا وأن هذا الفيروس قاتل مُدمّر، لا شفاء منه ولا هروب من عواقب من يطاله وينال منه.
لكن وقبل الحسم نهائيا في المسألة عند اجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد الافريقي لكرة القدم مع الحكومة المغربية للاستماع إلى وجهة نظر البلد المستضيف، وتقديم الإيضاحات اللازمة والمقنعة للرأي العام الرياضي في افريقيا على اعتبار أن الموضوع يهمّ المغرب وكل الدّول الافريقية المعنية بالمشاركة في هذه النهائيات، لا بد من الإشارة إلى أن المغرب استعد كما يجب لاحتضان العرس الافريقي وجهّز ملاعبه بالشكل الذي يتماشى مع أهمية الحدث، وبالتالي يبدو التخوّف من مخاطر هذا الفيروس وحماية البشر من هذا الشر، هو السبب المنطقي الذي دفع بمسؤوليه لاقتراح التأجيل خصوصا وأن المملكة العربية السعودية كانت قد اتخذت قرارا مشابها في موسم الحج منعت مواطنين من دول إِفريقية معينة انتشر فيها الوباء من دخول أراضيها وأداء المناسك خوفا من العدوى وحفاظا على سلامة بقية الحجيج.
وإن كان فيروس «إيبولا» يمثّل خطرا حقيقيا وتهديدا مباشرا لحياة البشر، فإن هناك فيروسا بشريا لا يقلّ خطرا عن «إيبولا»، ورغم أنه لا يقتل ولا يضرّ فإنه يبقى في النهاية فيروسا غير مرغوب فيه، ألا وهو فيروس الحسد والغيرة الذي ضرب بعض الأوباش وتغلغل في قلوبهم فراحوا يتهجّمون على هذا ويشككون في ذاك، ليكشفوا غلّهم وحقدهم وعدائهم للنجاح.. هؤلاء هم المفسدون في الأرض، لا أخلاق لهم، همُّهم الوحيد فشل الآخرين.. هؤلاء جُبلوا على كره أنفسهم قبل أن يكرهوا الاخرين فلا يروق لهم أن يروا أحدا يعتلي سلم النجاح أو يرتقي مراتب متقدمة، فعقولهم الصغيرة التافهة لا تتصور أن ترى قافة نجاح الاخرين سائرة مستقيمة في توجهها فيحاولون أن يضعوا لها العراقيل لكي تتوقف عن المسير دون أن يستحضروا ذلك المثل الشهير الذي يقول « القافلة تسير والكلاب تنبح».
إن أبشع ما في الحسود أنه عدو لنعمة الله فاقد للبصيرة ضعيف الشخصية عديم الأخلاق ضعيف الإيمان، حقير، رخيص كلما رأى نعمة على إنسان أحس بداخله بإحتراق أعصابه واضطراب نظراته ومن هنا يكره وجود الخير عند الغير معتقداً أنه أفضل من غيره وأنه أولى منه بالخير، فالحاسد الباغظ الحاقد لما يرى الناجحين يتسابقون إلي الفلاح والنجاح إزداد حقداً لهم واشتعلت في قلبه نار الغيظ والحسد.
وصدق الامام الشافعي حين قال في هؤلاء: «فإن كلمته فرجت عنه، وإن خليته كمداً يموت»...

بقلم: عادل بوهلال